والكذب هو الإخبار عن الشيء خلاف ما هو عليه وقد يكون في الماضي كأن يقول فعلت وهو لم يفعل وقد يكون في المستقبل كأن يقول سأفعل وليس في نيته أن يفعل .
والكذب لا يجوز في جد ولا هزل بل كله خلق مذموم إلا ما دعت إليه ضرورة كالكذب لإنقاذ معصوم الدم من قاتل أو لتحصين مال من غاصب ، ونحو ذلك .
قال ابن مسعود رضي الله عنه : (لا يصلح الكذب في هزل ولا جد) .(رواه البخاري في كتاب الأدب المفرد برقم 387) ويعظم الكذب إذا ترتب عليه ضرر أو فساد ، ويعتبر أعتياد الكذب من كبائر الذنوب .
و الكذب أنواع :
1ـ الكذب على الله تعالى وذلك مثل أن يتكلم في دين الله بغير علم أو يقول قال الله كذا ويذكر شيئاً لم يقله الله تعالى ، أو يقول : الله يعلم أني فعلت كذا ، وهو لم يفعله ، ونحو ذلك ، وهذا من أعظم الكذب ، قال تعالى : ( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن ................ وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ) . (سور الأعراف آية 33). وقال تعالى : ( إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون ) .(سورة النحل آية 116)
2ـ الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهو أيضاً من أعظم أنواع الكذب ، فعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال قال صلى الله عليه وسلم : (إن كذباً عليّ ليس ككذب على أحد ، فمن كذب عليّ متعمداً فليتبوّأ مقعده من النار) . (رواه مسلم برقم 4)
3ـ شهادة الزور ، وهي من أشد أنواع الكذب ، والواجب على المرء ألاّ يشهد إلا بشيء يعلمه يقيناً ، ولا يتردد في ردّ من يطلب منه الشهادة في شيء لا يعلمه ومما يدخل في ذلك تساهم الناس اليوم بالشهادة في المحاكم ، وكتابة العدل على ما لا يعلمون .
4ـ اليمين الغموس ، وهي : أن يلحف على شيء مضى أنه حصل ، أو لم يحصل وهو كاذب في ذلك .
5ـ اختلاف القصص والأخبار التي لا أصل لها ، لإضحاك الآخرين ، أو لملء الفراغ ، وفي الصدق غُنْيَةٌ عن الحرام .
6ـ أن يقول : رأيت كذا ، ولم يره ،فعن ابن عمر رضي الله عنه قال قال صلى الله عليه وسلم : (أفرى الفرى أن يرى الرجل عينيه ما لم تر)" . (رواه البخاري برقم 7043)
7ـ أن يزعم أنه رأي في المنام كذا ، وهو لم ير ، قال صلى الله عليه وسلم : (من تحلم بحلم لم يره ، كلف أن يعقد بين شعيرتين ، ولن يفعل) .(رواه البخاري برقم 7042) وهذا تعذيب له على كذبه ، وفي رواية للإمام أحمد : (عذب يوم القيامة حتى يعقد شعيرتين ، وليس عاقداً ) .(رواه أحمد 1/216) والكاذب له عقوبة جاء ذكرها في حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه في رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم : (إنه أتاني الليلة آيتان ، وإنهما قالا لي : انطلق ... ، قال: فانطلقنا فأتينا على رجل مستلق لقفاه ، وإذا آخر قائم عليه بكلوب من حديد ، وإذا هو يأتي أحد شقي وجهه فيشرشر شدقه على قفاه ، ومنخره إلى قفاه ، وعينه إلى قفاه ، ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول ، فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصح ذلك الجانب كما كان ، ثم يعود عليه فيفعل مثل ما فعل في المرة الأولى . قال : قلت : سبحان الله ما هذان ؟ .. إلى أن قال : قالا لي : أما إنا سنخبرك .. وأما الرجل الذي أتيت إليه يشرشر شدقه إلى قفاه ، ومنخره إلى قفاه ، وعينه إلى قفاه ، فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق ) . (رواه البخاري برقم 7074) فقوله (يشرشر) أي : يقطع .
والكذب له مساوئ فمن ذلك:
1ـ الكذب من خصال المنافقين .
2ـ من تكرر منه الكذب حتى صار عادة يكتب عند الله في صحائف الكذابين ، وهذا من أقبح وأشنع ما يكون ، فالمرء لا يرضى أن يصنف من قبل أهله وأصحابه في قائمة الكذابين ، فكيف يرضى أن يكون عند خالقه كذلك ؟ .
3ـ الكاذب مردود الشهادة .
4ـ الكاذب قد يرد صدقه ، لأن الناس لا يثقون بكلامه ، قال ابن المبارك رحمه الله تعالى : (أول عقوبة الكاذب من كذب : أنه يرد عليه صدقه) . (رواه ابن أبي الدنيا برقم 82)